dodo&m مشرفه منتدى المرأة للاكسورات والديكورات
عدد الرسائل : 1928 العمر : 39 العمل/الترفيه : https://ava-mena.own0.com العمل/الترفيه : رسم بلــدك : النت المزاج : وسام لهذا العضو : تاريخ التسجيل : 18/02/2008
| موضوع: الأنبا بولا أول السواح 228م ـ 343م السبت مايو 03, 2008 3:41 pm | |
| الأنبا بولا أول السواح 228م ـ 343م السياحة والسواح درجة السياحة هى الدرجة السادسة فى تسلسل الرقى الروحى للراهب وتعلوها الدرجة السابعة والأخيرة التى هى درجة الرؤيا - والآباء السواح هم من ماتوا كلية عن العالم تزداد محبتهم للصلاة حتى يصيروا كما قال الكتاب : " أما أنا فصلاة" . ومن فرط تعلقهم بالتأملات العالية وتعلقهم بالسمائيات وإنبهار عقولهم بالإلهيات تقل حاجتهم إلى الطعام والنوم فيقنعون بالقليل من عشب البرية والنباتات التى تنموا على الجبال والصحارى , فتتلاشى رغبات الجسد وتسموا أرواحهم وتستنير نفوسهم , وتسهل إنتقالهم من مكان إلى آخر بما يعرف بالإختطاف , ولم يخترع المصريين طريق الرهبنة فقد عاش تلك الحياة فى العهد القديم إيليا ويوحنا المعمدان ولكنهم طبقوا العبارة الكتابية التى تقول (1) : " رُجِمُوا، نُشِرُوا، جُرِّبُوا، مَاتُوا قَتْلاً بِالسَّيْفِ، طَافُوا فِي جُلُودِ غَنَمٍ وَجُلُودِ مِعْزَى، مُعْتَازِينَ مَكْرُوبِينَ مُذَلِّينَ، 38 وَهُمْ لَمْ يَكُنِ الْعَالَمُ مُسْتَحِقًّا لَهُمْ. تَائِهِينَ فِي بَرَارِيَّ وَجِبَال وَمَغَايِرَ وَشُقُوقِ الأَرْضِ " ودرجات الرهبنة درجات صعبة جداً وطريق ضيق لا يستطيع كل أنسان الوصول إلى قمته إلا بإذلال النفس والسمو بالروح وهذا التقدم لا يتم إلا عن طريق واحد فقط ألا وهو الحب الإلهى الشديد الذى يصغر بجانبة كل متطلبات الأنسان الأخرى وأحتياجاته بهدف الوصول إلى الإتحاد بالرب . ومنذ أن عاش الأنبا بولا حياة السواح فقد أصبح أولهم ومن بعده لا يزال حتى الآن لا يخلوا جبل منهم من جبال مصر المقدسة (2) ويذكرالبابا شنودة الثالث فى مصر أنه يوجد سبعة رهبان يسيحون الآن فى الصحراء البرية الجوانية كيف وصلتنا أخبار رهبنته ؟ ولد الأنبا بولا في الأقصر ولكن لم يعرف تاريخ ميلاده بالتحديد , ولولا أن القديس أنطونيوس كتب سيرة الأنبا بولا لما وصلنا عنه شئ ولظلت حياته العطرة مخفية عن العيون حيث كسب الأنبا بولا النصيب الأعظم فى ملكوت السموات بل أنه وجد ملكوت السماوات فى داخله على الأرض فكر كبرياء يدفع الأنبا أنطونيوس ليعرف الأنبا بولا وكتب الأنبا انطونيوس أب الرهبان(3) فقال أنه : " فى سن السبعين خالجنى فكر من العجرفة والكبرياء فقلت فى نفسى أظن أنه لا يوجد ورائى أحد فى البرية أقام فى الفيافى سالكاً سبيل النسك والفضيلة مثلى , وفى الليلة التى كنت أتأمل فيها فى هذه الأمور أوحى ألى من قبل الرب أنه يوجد خلفى رجل أفضل منى ودفعنى على أن أسعى لأن أراه , فلما اتى الصباح أخذت جريدة النخل التى كنت أتكئ عليها وأخذت أتمشى فى البرية كما كان يهدينى عقلى لأنى لم أعرف الطريق , ولبثت سائراً إلى الظهر وكان الحر شديداً فشرعت أحدث نفسى قائلاً : أنى أتكل على الرب الذى لا يتخلى عنى أن يرينى عبده الذى أوحى إلى عنه " .. ولم يتم قوله حتى رأى وحشاً كان نصفه شكل انسان ونصفه الآخر شبه حصان وهو ما يسميه الشعراء بالقنطورس , فرسم القديس على جبهته علامة الصليب وقال له : " أين هو عبد الرب فأراه الوحش المكان مشيراً بأصبعه راكضاً إلى الغاب , فأستمر القديس فى سفره باحثاً عن الطريق , وإذ هو يتعجب من هذا الأمر مر من أمامه هذا الحيوان كأنه ذاهب إلى ميدان فسيح وما هذا إلا الشيطان أتخذ تلك الصورة ليزعج القديس فإستغرب مشابهته الشكل الذى رآه فى الحيوان , وبعد أن ابتعد قليلاً رأى وحشاً كأنسان قصير القامة له ساقان وقرنان كقرنى تيس فسأله : " من أنت " فأجابه : " أننى أحد سكان البرارى الذى يعبدهم الوثنيين كأنهم آلهة , وقد أرسلتنى طائفتى لأطلب منك نيابة عنهم أن تتضرع لأجلنا إلى المسيح إلهنا الذى عرفنا أنه أتى لأجل خلاص العالم , وبعد أن تكلم الحيوان هذا الكلام جدد الكهل أنطونيوس المسير وسالت دموعه على الأرض لكنه سر بمجد المسيح ولأبادة الشيطان وضرب بعكازه على الأرض وقال ويل للأسكندرية ويل لمدينة الوثنيين التى أجتمع فيها جميع شياطين الخليقة " (4) وكان قد توغل فى البرية ومر عليه وقت لم ير فيه أنساناً أو حيواناً فصرف يومين وبليليتين فى الصلاة راجياً من الرب أن لا يهمله , وفى اليوم التالى لاحظ ذئباً صاعداً إلى الجبل فأقتفى أثره ولما صعد إلى الجبل وقع نظرة على مغارة كانت هناك وشاهد الذئب يدخل إليها ولكنه لم يميز شيئاً لشدة الظلام وقد حاول الخوف أن يدخل قلبه , ولكن المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج فدنا من المغارة فلاح له فيها ضوء سراج فأسرع فى سيرة لفرط سرورة فعثرت رجله بحجر غير ان القديس بولا حال سماعه بوقع أقدامه دحرج الحجر وأغلق باب المغارة . المقابلة بين عمالقة الروحانيات فى البرية فأرتمى القديس أنطونيوس أمام باب المغارة على وجهه وتوسل إلى القديس بولا ليفتح له الباب قائلاً : " انا وحدى " .. فأجاب القديس بولا : " لم أتيت ".. فقال أنطونيوس : " أنى لواثق بأنك تعلم من أنا ؟ ومن أين اتيت ؟ ولماذا أتيت ؟ وبما انك تقبل وحوش البرية فلم تكره بنى البشر؟ لقد طلبتك ووجدتك وقرعت الباب بثقة فأفتحه لى وإلا فسأموت هنا , وإذا ما رأيت جثتى فإدفنها ؟ وسمع القديس بولا صوت بكائه فأجابه قائلاً : " ما من أحد يطلب أحساناً بإنتهار ولا يفتر باكياً متنهداً فإن كنت أتيت إلى لكى تموت فلماذا تتعجب من أنى لا أقبلك ؟ .. قال هذا وفتح الباب فإلتقيا وتعانقا وقبلا بعضهما بعضاً بالقبلات المقدسة (5) وسلم الواحد على الاخر بإسمه كأنهما كانا يعرفان بعضهما قبلاً ثم شكر الرب على أحسانه إليهما وجلسا للمخاطبة . فقال القديس بولا - لم احتملت كل هذا الضيق ومشقة البحث عن شيخ ومن جسمه وهزل وسترى بعد قليل أنه يصير تراباً , غير ان المحبة تحتمل كل شئ فجعلتك تتعب كثيراً فى الأستقصاء عنى , فأخبرونى الآن ما حال اعالم ومن يديره , وهل يوجد بعد من يسجد للأصنام ويعبدها , وهل بنى البشر مستمرون فى بناء البيوت فى المدن القديمة , ولا يزال يوجد ملوك وحكام فى العالم؟ فأجابه القديس أنطونيوس عن أجوبته ثم أخذ يسأل القديس بولا عن السبب الذى من أجله أتى إلى البرية وكم عاماً أتى عليه فيها وكم سنة حياته وماذا أكل ؟ وكيف عاش ؟ الميراث فأجابه القديس بولا : " انى ولدت نحو سنة 228 م فى الصعيد الأسفل بمدينة طيبه من ابويم مصريين , ولما صار لى من العمر 12 سنة مات والداى فدخلت مدارس الفلاسفة وأتقنت فيها اللغة اليونانية فضلاً على اللغة المصرية , وأقمت بمنزل زوج أختى ( وقيل أخوه ) ولم يكن مسيحياً , ولما بلغت العشرين من عمرى أثار ديسيوس قيصر أضطهادة سنة 249 م على المسيحيين وأمتد إلى الصعيد وصدر المر بالتفتيش على المسيحيين لتذيبهم إذا بم ينكروا مسيحهم , فهربت إلى منزل كان لى بين مزارعى , ولم أمكث فى هذا المكان المنفرد إلا قليلاً حتى أنذرتنى أختى بأن زوجها عازم على اخبار الحكومة بحقيقة حالى لكى يقبض على ويتمتع هو بمالى وعقارى الذى يصير له بعدى بحق الأرث , فخطر على بالى عندئذ قول السيد المسيح : " من لا يترك جميع أمواله لا يقدر أن يكون لى تلميذاً " ( لو 14: 22) فوهبت لأختى وزوجها كل ما أملك من حطام الدنيا وودعت العالم الوداع الأخير وقصدت البرية الداخلة بجبل القلزم (6) حيث وجدت مغارة (7) مغلف بابها بحجر كبير فدحرجته ودخلت إليها ورأيت بقربها نخلة تثمر وعين ماء فأقمت بها وصرت اقتات من ثمر النخلة وأستقى من عين الماء وأكتسى بخوص النخل مجدولاً " أستقراره فى البرية وكنت أول سكناى فى البرية أقصد أن أعود إلى بلدتى بعد زوال الأضطهاد ولكنى لما ذقت لذة الوحدة وعذوبة الأنفراد والأختلاء بالرب يسوع أدركت أن الضرورة قد هيأت لى طريق الفضيلة فآثرت هجر العالم بتاتاً وهكذا عشت حتى الآن منفرداً كل الأنفراد مثابراً على الصلاة والتأملات الروحية مدة ستين سنة . طعاماً من السماء وبينما هما يتخاطبان إلتفت كلاهما فنظراً غراباً على غصن شجرة وللوقت وقف بكل هدوء على الفرع , وكان فى منقاره رغيف من الخبز فأتى وألقاه فيما بينهما وطار وهما ينظران ويتعجبان .. فقال القديس بولا لضيفه : " مبارك الرب الذى أرسل لنا مأكلاً فأعلم يا أخى أنطونيوس أنه منذ اتيت هنا وهذا الغراب يأتينى كل يوم بنصف رغيف واليوم من أجلك أتى برغيف كامل " .. وبعد أن شكرا الرب جلسا للأكل وتنازعا فى من منهما يجب أن يكسر الخبز فأتفقا أخيراً على أن يكسراه معاً بأسم الرب وبعد أن أكلاه وقفا يصليان طول ليلهما ( الصورة المقابلة أيقونة تصور لقاء الأنبا بولا والأنبا انطونيوس وفى أعلى الصورة الغراب وخلفهما الأسدين اللذان حفرا قبر الأنبا بولا ). لقد حان أوان راحتك يا أنبا بولا .. ولما أتى الصباح قال القديس بولا لضيفه لقد عرفت من مدة طويلة أنك تسكن هذه البرارى وكان الرب قد وعدنى بزيارتك فجئتنى فى الوقت المناسب إذ حان وقت راحتى وسيحل لى الأمر الذى أشتهيته يعنى الأنتقال من هذا العالم والسكنى مع سيدى يسوع المسيح حيث أعد لى أكليل البر , فلهذا أرسلك لكى تدفن هذا الجسد الشقى وترد التراب إلى التراب . وبينما كلن القديس بولا ينطق بهذا الكلام كانت دموع القديس أنطونيوس تنهمر بغزارة وأظهر أسفه متنهداً وطلب من القديس بولا ألا يفارقه أو يأخذه معه إلى الوطن السعيد , لإاجابه بولا الطوباوى وقال : " لا يليق بك أن تطلب الخير لنفسك , بل لجيرانك , ولذا أرجوك يا حبيبى إذا لم يكن فى المر مشقة أن تذهب بسرعة إلى ديرك وتأتينى بالرداء الذى أعطاه لك القديس أثناسيوس الرسولى البطريرك لتكفنى به وتدفنى ( ولم يكن فى حاجة إلى ثياب ولكنه اراد أن تفارق روحه جسده فى غياب القديس أنطونيوس . وكان القديس أنطونيوس يسمع كلامه بتعجب زائد وأدرك أن الرب كشف للأنبا بولا أشياء كثيره , وشكر الرب سراً ثم خر أمامه وصلى وأقترب إليه وقبل عينيه ويديه , وأسرع فى الخروج ليذهب إلى ديره , وبعد أن سافر ووصل غلى الدير ألتقى به أثنان من تلاميذه ظلا يبحثان عنه طويلاً وقالا له : " أين كنت يا ابانا هذه الأيام ؟ فأجاب وقال لهما : " ويل لى أنا الخاطئ فإن أسم " مسيحى " الذى أدعى به هو مستعار ولست مستحقاً أن أدعى راهباً , لأنى رأيت إيليا ويوحنا المعمدان فى البرية ورأيت بولا فى السماء وهو يتكلم معهما " .. ثم ضرب بيده على صدره وأخذ الرداء وفارق تلميذيه ولم يشأ أن يعبر لهما عن معنى كلامه بل قال لهما للكلام وقت وللصمت وقت . ورجع الأنبا أنطونيوس بالكنز الثمين ثم جد فى السير لأنه يشتهى أن يراه قبل أنتقاله فسافر فى اليوم الأول , ولكنه فى اليوم الثانى فى الساعة التاسعة أبصر جمهوراً من الملائكة يصعدون إلى السماء وروح القديس بولا معهم وهى تضئ كالشمس , فجثا على ركبتيه وضاعاً التراب على رأسه وقال بقلب آسف : " يا خائف الرب لماذا تركتنى هكذا بدون أن تودعنى , على ما عانيته من مشقة السفر التى كنت أسابق فيه الطيور , ثم أستمر فى سيره حتى دنا من باب المغارة فوجد جسد الشيخ الميت واقفاً جاثياً على ركبتيه ورأسه مستقيمه ويديه مرتفتين فظن أنه حى بعد فجثا خلفه يصلى , غير أنه لما رأى الشيخ لا يتنهد كعادته فى الصلاة تفرس فيه جيداً فتأكد أنه توفى فوثب على جسده زارفاً الدموع ومقبلاً يديه ورجليه ثم لفه بالرداء وحمله على كتفيه وهو يرتل المزامير غير انه حزن عندما رأى نفسه أهمل أستحضار آلة معه يحفر بها القبر وفيما هو مفكر أمره متحير إذا بأسدين جاءا معاً راكضين فلما نظرهما أرتعد وإذ رفع فكره للرب وأعاد النظر إليهما ظهرا كحمامتين وديعتين تطيران فى الهواء فإقتربا الأسدان وإنطرحا بجانب جسد الأب بولا مظهرين إكرامهما له ثم هزا ذيلهما لأنطونيوس المبارك ورقد أمامه بوداعة كاملة وحكا أسنانهما ببعض وقرا بصوت عال كأنهما يظهران أسفهما , ثم حفرا الأرض قبراً كاملاً وبعد أن فرغا من العمل تقدما إلى الب أنطونيوس وخفضا ذنبيهما وسجدا أمامه ولحسا يديه وقدميه كمن يطلب بركة , فبارك عليهما قائلاً : " أيها الرب الإله الذى بدون امره لا تسقط ورقة واحده على الأرض وبدون مشيئته لا يسقط عصفوراً واحداً فى الفخ باركنا جميعاً " ثم أنطلق الأسدين بإشارة يده , ثم قام وصلى على جثة القديس بولاً ودفنها وبعد أن اتم الدفن رجع غلى ديره حاملاً ثوب القديس بولا المصنوع من الخوص معتبراً إياه كنزاً ثميناً . وكان يلبس هذا الثوب فى يومين من كل سنة وهما عيد الفصح وعيد العنصرة نياحته وكانت وفاة القديس الأنبا بولا فى 2 أمشير 57 م التى توافق 341 م وتبارك مكان عبادته ونسكه فأصبح ديراً كبيراً وكتب سيرته عيده في 2 أمشير فى السنكسار القبطى الذى يقرأ يوميا بالكنيسة. نياحة القديس أنبا بولا أول السياح ( 2 أمشـير) في مثل هذا اليوم من سنة 341 م تنيح القديس العظيم الأنبا بولا أول السواح . كان هذا القديس من الإسكندرية ، وكان له أخ يسمي بطرس ، وبعد وفاة والدهما ، شرعا في قسمة الميراث بينهما ، فلما اخذ أخوه الجزء الأكبر تألم بولس من تصرف أخيه وقال له : لماذا لم تعطني حصتي من ميراث أبى ؟ فأجابه لأنك صبي واخشي إن تبدده ، أما انا فسأحفظه لك . وإذ لم يتفقا ، مضيا للحاكم ليفصل بينهما . وفيما هما ذاهبين ، وجدا جنازة سائرة في الطريق ، فسال بولس أحد المشيعين عن المتوفى ، فقيل له إنه من عظماء هذه المدينة وأغنيائها ، وهوذا قد ترك غناه وماله الكثير ، وها هم يمضون به إلى القبر بثوبه فقط . فتنهد القديس وقال في نفسه : ما لي إذن وأموال هذا العالم الفاني الذي سأتركه وأنا عريان . ثم التفت إلى أخيه وقال له : ارجع بنا يا أخي ، فلست مطالبا إياك بشيء مما لي . وفيما هما عائدين انفصل عنه بولس وسار في طريقه حتى وصل إلى خارج المدينة . فوجد قبرا أقام به ثلاثة ايام يصلي إلى السيد المسيح إن يرشده إلى ما يرضيه . أما أخوه فانه بحث عنه كثيرا ، وإذ لم يقف له علي اثر حزن حزنا عظيما وتأسف علي ما فرط منه . أما القديس بولس فقد أرسل إليه الرب ملاكا أخرجه من ذلك المكان وسار معه إلى إن آتى إلى البرية الشرقية الداخلية ، وهناك أقام سبعين سنة لم يعاين أثناءها أحدا . وكان يلبس ثوبا من ليف ، وكان الرب يرسل إليه غرابا بنصف خبزة في كل يوم . ولما أراد الرب إظهار قداسته وبره ، أرسل ملاكه إلى الأب العظيم أنطونيوس ، الذي كان يظن انه أول من سكن البرية ، وقال له : يوجد في البرية الداخلية إنسان لا يستحق العالم وطأة قدميه ، وبصلاته ينزل الرب المطر والندي علي الأرض ، ويأتي بالنيل في حينه . فلما سمع أنطونيوس هذا قام لوقته وسار في البرية الداخلية مسافة يوم . فارشده الرب إلى مغارة القديس بولس فدخل إليه وسجد كل منهما للآخر وجلسا يتحدثان بعظائم الأمور . ولما صار المساء أتى الغراب ومعه خبزة كاملة . فقال القديس بولس للقديس أنطونيوس : الآن قد علمت انك من عبيد الله . إن لي اليوم سبعين سنة والرب يرسل لي نصف خبزة كل يوم ، أما اليوم فقد أرسل الرب لك طعامك ، والان أسرع واحضر لي الحلة التي أعطاها قسطنطين الملك لأثناسيوس البطريرك. فمضي إلى البابا أثناسيوس أخذها منه وعاد بها إليه . وفيما هو في الطريق رأي نفس القديس الأنبا بولا والملائكة صاعدين بها . ولما وصل إلى المغارة وجده قد تنيح ، فقبله باكيا ثم كفنه بالحلة واخذ الثوب الليف . ولما أراد مواراة جسده الطاهر تحير كيف يحفر القبر ، وإذا بأسدين يدخلان عليه وصارا يطأطأن بوجهيهما علي جسد القديس ، ويشيران برأسيهما كمن يستأذناه فيما يعملان . فعلم انهما مرسلان من قبل الرب ، فحدد لهما مقدار طول الجسد وعرضه فحفراه بمخالبهما . وحينئذ واري القديس أنطونيوس الجسد المقدس وعاد إلى الأب البطريرك واعلمه بذلك ، فأرسل رجالا ليحملوا الجسد إليه . فقضوا أياما كثيرة يبحثون في الجبل فلم يعرفوا له مكانا ، حتى ظهر القديس للبطريرك في الرؤيا واعلمه إن الرب لم يشأ إظهار جسده فلا تتعب الرجال ، فأرسل واستحضرهم . أما الثوب الليف فكان يلبسه الأب البطريرك ثلاث مرات في السنة أثناء التقديس . وفي أحد الأيام أراد إن يعرف الناس مقدار قداسة صاحبه فوضعه علي ميت فقام لوقته . وشاعت هذه الأعجوبة في كل ارض مصر والإسكندرية . صلاته تكون معنا آمين | |
|