girle for jesus عضو مميز
عدد الرسائل : 193 العمر : 33 العمل/الترفيه : طالبه بلــدك : السماع الى الترانيم المزاج : تاريخ التسجيل : 28/01/2008
| موضوع: تابع الاصحاح الاول لانجيل مرقس (2) الثلاثاء يوليو 22, 2008 10:13 am | |
| ثانيًا: السماوات المفتوحة: إن كان إشعياء النبي وهو يتطلع بروح النبوة قد اشتهى خروج الشعب الجديد لينعم بالحياة المقامة (إش 63: 11-12)، فقد أدرك أن الأمر لا يحتاج إلى موسى عابر البحر الأحمر ولا يشوع مجتاز الأردن، بل إلى ذاك الذي يشق السماوات وينزل إلينا، يزلزل جبالنا الجامدة ليرفعنا معه إلى حيث هو، إذ يقول: "ليتك تشق السماوات وتنزل، من حضرتك تتزلزل الجبال" (إش 64: 1). هكذا إذ انشقت السماوات عند عماد السيد المسيح، إنما تحقق ذلك لأجلنا، فصارت أبوابها مفتوحة أمامنا، مفتاحها في يدّي عريسنا ورأسنا، بل صارت حياتنا الداخلية ذاتها سماوات مفرحة يسكنها رب السماء! لقد تأكدنا أنه بمياه المعمودية صارت لنا مملكة السماوات مفتوحة تستقبلنا خلال الرأس السماوي! وكما يقول القديس كيرلس الكبير: [انفتحت السماوات فاقترب الإنسان من الملائكة المقدسين.] ثالثًا: نزول الروح عليه: رأى إشعياء النبي في الخروج الرمزي على يديّ موسى أن روح الرب الخفي هو الذي قاد الموكب، إذ يقول: "روح الرب أراحهم، هكذا قدت شعبك لتصنع لنفسك اسم مجد" (إش 63: 14)، وكانت تأكيدات الله لموسى على الدوام هي "أنا أكون مع فمك" (خر 4: 12). أما في الخروج الجديد فلا حاجة إلى تأكيدات، فإن القائد هو ابن الله الحيّ الواحد مع أبيه وروحه القدوس. نزول الروح عليه يعلن دور الروح القدس الذي سبق فكان يرف على وجه المياه ليجعل من الأرض الخالية الخاوية التي بلا شكل عالمًا جميلاً... ها هو يرف على مياه الأردن ليقيم منا نحن الأموات جسدًا حيًا مقدسًا للرأس القدوس النازل في مياه الأردن. إنه الروح الإلهي الذي يشكل الشعب الجديد خلال الخروج الجديد! لقد أكد القديس كيرلس الكبير في تفسيره لإنجيل لوقا أن السيد المسيح في لحظات العماد هو بعينه كلمة الله المتجسد ولم يكن قط منفصلاً عن روحه القدوس، بل هو مُرسل الروح القدس على كنيسته. فما حدث في عماده كان لحسابنا إذ يقول: [حلّ أولاً على المسيح الذي قبل الروح القدس لا من أجل نفسه بل من أجلنا نحن البشر لأننا به وفيه ننال نعمة فوق نعمة... والآن أخذنا المسيح مثلنا الأعلى، فلنقترب إلى نعمة العماد الأقدس... فيفتح لنا الله الأب كوى السماوات ويرسل لنا الروح القدس، الذي يقبلنا كأبناء له، فان الله الأب خاطب المسيح في وقت عماده المقدس كأنه به وفيه قد قبل الإنسان الساكن الأرض، معلنًا بنوة الجنس البشري بالصوت الحلو القائل: "أنت ابني الحبيب بك سررت" (لو 3: 22).] رابعًا: ظهور الروح مثل حمامة: إن كانت الحمامة تشير لإسرائيل أو كنيسة الله في العهد القديم والعهد الجديد (مر 11: 11؛ مز 68: 13؛ 74: 19؛ نش 1: 15؛ 2: 14؛ 4: 1؛ 5: 2، 12) فظهور الروح القدس مثل حمامة إنما يؤكد الكنيسة المختفية في المسيح ربنا، إنها كنيسة روحية تحمل سماتها خلال الروح القدس الساكن فيها يهبها عمله الإلهي فيها بلا توقف. كأن الروح القدس بظهوره هكذا أشبه بإصبع الله الذي يشير لنا أننا نجد خلاصنا في ذاك الحال في مياه الأردن. خامسًا: سماع صوت من السماء: في العهد القديم سمعنا الصوت الإلهي خلال النبوة: "هوذا عبدي الذي أعضده، مختاري الذي سُرت به نفسي، وضعت روحي عليه، فيخرج الحق للأمم" (إش 42: 1). والآن جاء الصوت عينه من السماء يؤكد أنه كلمة الله، الابن الوحيد الذي صار عبدًا لتحقيق رسالة الخلاص وقيام الكنيسة في مياه المعمودية. جاء هذا الصوت من أجلنا نحن حتى ندرك أننا فيه ننعم بسرور الآب السماوي ونُحسب أبناء له خلال مياه المعمودية وعمل روحه القدوس. في هذا يقول القديس كيرلس الكبير: [المسيح كما سبق وقلت هو حقًا ابن الله الوحيد، وإذ صار شبهنا أعلنت بنوته لا من أجل نفسه، لأنه كان ولا يزال وسيبقى الابن، لكن هذه البنوة أُعلنت من أجلنا نحن البشر الذين صرنا أبناء الله، لأن المسيح بكرنا وسندنا. هو آدم الثاني، إذ ورد: "إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة، الأشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكل قد صار جديدًا" (2 كو 5: 17). لقد طرحنا عتق آدم الأول، واستبدلنا بها جدّة آدم الثاني الذي به ومعه لله الآب المجد والسلطان مع الروح القدس من الآن وإلى أبد الآبدين.] هكذا في معمودية السيد المسيح ظهر الثالوث القدوس متمايزًا لكنه غير منفصل، الابن المتجسد صاعدًا من المياه لكي يهبنا الخروج من خطايانا لندخل به وفيه إلى شركة أمجاده، والروح القدس نازلاً على شكل حمامة ليقيم كنيسة المسيح الحمامة الروحية الحاملة سمات سيدها، وصوت الآب صادرًا من السماء يعلن بنوتنا له في ابنه، ويقيم منا حجارة روحية ترتفع خلال السماوات المفتوحة لبناء الكنيسة الأبدية. هكذا ظهر الثالوث القدوس لبنياننا بالله، لذا دعي عيد عماد السيد بعيد الظهور الإلهي، لكن يجب تأكيد ما قاله القديس أغسطينوس: [هذا ما نتمسك به بحق وبغيرة شديدة، وهو أن الآب والابن والروح القدس ثالوث غير قابل للانفصال، إله واحد لا ثلاثة.] 4. تجربته
احتلت التجربة دورًا رئيسيًا في خلاصنا، فقد دخل الملك في معركة علانية مع العدو الشرير بعد تتويجه لحساب شعبه. وقد أوردها مار مرقس الإنجيلي في اختصار شديد إن قورنت بما ورد في مت 4: 1-11؛ لو 4: 1-13، وقد سبق لنا عرض الكثير من أقوال الآباء عنها. صوّر القديس مرقس التجربة بطريقة حية، قائلاً: "وللوقت أخرجه الروح إلى البرية. وكان هناك في البرية أربعين يومًا يجرب من الشيطان، وكان مع الوحوش، وصارت الملائكة تخدمه" [12-13]. لقد رأى كثير من الدارسين أن إنجيل مرقس بكامله هو "سفر الألم"، يمثل عرضًا بتجربة السيد المسيح المستمرة وصراعه ضد إبليس والأرواح الشريرة، إما مباشرة، أو خلال خدامه الساقطين تحت سلطانه يعملون لحسابه. فما حدث خلال الأربعين يومًا في البرية لم يكن إلا بداية معركة ذروتها عند الصليب حيث اشتهى العدو الخلاص منه، وإذ صُلب السيد وجد العدو نفسه مصلوبًا ومجردًا من كل سلطان. وكما يقول الرسول: "إذ جردالرياسات والسلاطين أشهرهم جهارًا ظافرًا بهم فيه (في الصليب)"(كو 2: 15).
ركزا لإنجيلي مرقس على النقاط التالية: أولاً: أخرجه الروح إلى البرية، فان كان الروح القدس الذي هو واحد مع المسيح قد أخرجه للمعركة، إنما ليعُلن أننا منطلقون معه بالروح القدس إلى ذات المعركة، نحمل في جعبتنا إمكانيات إلهية للجهاد والصراع. فهي معركة رابحة دون شك لمن يقوده روح الرب! هي معركة الله، لسنا نحن طرفًا فيها، إنما أداة في يدّ الله، لهذا يقول القديس يوحنا سابا: [المؤمن الذي له دالة عند الله، لو قامت عليه كل الخليقة تحاربه بأصوات وسحب لا تستطيع أن تهزمه، لأن جميع ما يتكلم به ذلك الإنسان فمثل الله يتكلم، وكل البرايا تطيعه، أي تطيع الله الساكن فيه.] إننا نغلب إن أخرجنا الروح القدس نفسه إلى المعركة الروحية مختفين في الرأس المسيح، لا إن خرجنا بأنفسنا، لذلك يقول القديس كيرلس الكبير: [الآن صرنا بالمسيح ممجدين بنصرته، بينما كنا قديمًا منهزمين بآدم الأول. تعالوا نسبح للرب ونرتل أناشيد الفرح لله مخلصنا، ولندُس الشيطان تحت أقدامنا، ونهلل جذلين بسقوطه في المذلة والمهانة، ولنخاطبه بعبارة إرميا النبي: "كيف قطعت وتحطمت بطرقه كل الأرض... قد وجدت وأمسكت لأنك قد خاصمت الرب" (إر 50: 23، 34). منذ قديم الزمان وقبل مجيء المسيح مخلص العالم أجمع والشيطان عدونا الكبير يفكر إثمًا، وينضح شرًا، ويشمخ بأنفه على ضعف الجبلة البشرية، صارخًا: "أصابت يدي ثروة الشعوب كعش، وكما يُجمع بيض مهجور جمعت أنا كل الأرض ولم يكن مرفرف جناح ولا فاتح فم ولا مصفصف" (إش 10: 4). والحق يُقال لم يجرؤ أحد على مقاومة إبليس إلا الابن الذي كافحه كفاحًا شديدًا وهو على صورتنا، ولذلك انتصرت الطبيعة في يسوع المسيح، ونالت إكليل الظفر والغلبة. منذ القديم يخاطب الابن - على لسان أنبيائه - عدونا اللدود إبليس بالقول المشهور: "هأنذاعليك أيها الجبل المهلك، المهلك كل الأرض" (إر 51: 25).] يقول القديس أمبروسيوس: [لو لم يجربه إبليس لما انتصر الرب لأجلي بطريقة سرية ليحرر آدم من السبي.] ثانيًا: صراعه في البرية مع الشيطان أربعين يومًا ربما يشير إلى الشعب القديم الذي بقي في البرية أربعين سنة مصارعًا في تجارب كثيرة لكنه فشل في دخوله أرض الموعد بالرغم من خروجه من أرض العبودية. أما نحن فصار لنا القائد الجديد يخفينا فيه، يحارب عنا ويهبنا النصرة والغلبة ليدخل بنا لا إلى أرض تفيض لبنًا وعسلاً بل إلى الحضن الإلهي الأبدي. ثالثًا: أراد بهذا النص الإنجيلي تأكيد أن العدو الوحيد للسيد المسيح هو الشيطان الذي دخل معه في معركة، أما الخليقة أيا كانت هذه فهي موضع حبه. إن كان البشر قد صاروا بالخطية كالوحوش فقد جاء ليحل في وسطهم، إذ يقول: "وكان مع الوحوش"، حتى بحلوله يحول الوحوش الشرسة إلى سمائيين. ولعل قوله "وكان مع الوحوش، وصارت الملائكة تخدمه" يشير إلى العصر المسياني الذي تنبأ عنه كثير من الأنبياء، فيه ينزع الطبع الوحشي "فيسكن الذئب مع الخروف، ويربض النمر مع الجدي، والعجل والشبل والمسمن معًا وصبى صغير يسوقها، والبقرة والدبة ترعيان. تربض أولادهما معًا، الأسد كالبقر يأكل تبنًا" (إش 11: 6-7؛ 65: 25؛ هو 2: 18). هكذا تلتقي الوحوش مع الملائكة، فتتحول الوحوش إلى ملائكة، وتبتهج الملائكة بعمله في الوحوش. لعله أيضًا يقصد بالوحوش الشر (مز 22: 13-22؛ إش 13: 21-22؛ حز 34: 5، 8، 25)، فقد جاء السيد إلى البرية ليحارب الشر في عقر داره. رابعًا: لم يكن السيد محتاجًا أن تخدمه الملائكة، لكنه كما من أجلنا أخرجه روحه القدوس إلى البرية ليعيش وسط الوحوش في سلام، هكذا من أجلنا صارت الملائكة تخدمه. وكأن فيه تسندنا كل الخليقة، تسكن معنا الوحوش كما في فلك نوح لا تسيء إلينا، وتخدمنا الملائكة بحراستها لنا وصلواتها عنا ومعنا! 5. كرازته بالملكوت الجديد
"وبعدما أسلم يوحنا جاء المسيح إلى الجليل يكرز ببشارة ملكوت الله. ويقول قد كمل الزمان، وأقترب ملكوت الله، فتوبوا وآمنوا بالإنجيل" [14-15].
أ. إن كان يوحنا يمثل الناموس الشاهد لإنجيل المسيح المفرح، فإنه ما كان يمكن للكرازة بالإنجيل أن تنطلق في النفس بالبهجة ما لم يُسلم أولاً حرف الناموس القاتل، فينطلق الروح الذي يبني. لقد جاء الناموس يقودنا إلى السيد المسيح، لكن إذ تمسك الإنسان بالحرف الناموسي كان يجب أن يُسلم الحرف حتى ينفتح لنا باب الروح، كما قال القديسان أمبروسيوس وهيلاري أسقف بواتييه. ب. انسحاب السيد إلى الجليل عند القبض على يوحنا يكشف عن رغبته في عدم مقاومة الشر، وكما يقول الأب ثيؤفلاكتيوس: [لكي يظهر لنا أنه يجب أن ننسحب في الاضطهادات ولا ننتظرها، لكن إن سقطنا تحتها نثبت فيها.] انسحب السيد ليس خوفًا من الألم أو الضيق، إنما ليتمم رسالته من أشفية وتعاليم حتى ينطلق إلى الموت في الوقت المعين من أجل مضايقيه أنفسهم ومضطهديه. ج. كان موضوع كرازة السيد هو كمال الزمان واقتراب ملكوت الله بمجيئه لكي ينعم المؤمنون به وبإنجيله خلال التوبة. يقدم السيد المسيح نفسه موضوعًا للكرازة، به كمل الزمان وحلّ ملكوت الله فينا لننعم بخلاصه. ولعله يقصد بكمال الزمان بلوغ الناموس نهايته بمجيئه ليحقق ما قادهم إليه الناموس، وأيضًا تحقيق النبوات فيه. يحدثنا القديس يوحَنا سابا عن هذا الملكوت، قائلاً: [اعطنا يا ب أن ندخل بك إلى هيكل أنفسنا، وفيه ننظرك يا ذخيرة الحياة المختفية... طوبى للذي يشخص إليك دائمًا في داخله فإن قلبه يضيء لنظر الخطايا.] د. من جانب الله كملت النبوات وحلّ ملكوته واقترب جدًا من كل نفس، بقى من جانب الإنسان التوبة وقبول كلمة الإنجيل: "فتوبوا وآمنوا بالإنجيل". يحدثنا القديس يوحنا سابا عن فاعلية التوبة فيقول: [من ذا الذي لا يحبك أيتها التوبة، يا حاملة جميع التطويبات إلا الشيطان، لأنك غنمت غناه وأضعت قناياه.] ه. يفهم من التعبير "أُسلم يوحنا" أن القبض على يوحنا كان بناء على خيانة من اليهود، لكن وإن كان قد أسلم وسجن فإن القيود والسجن لم تعق الكرازة بل صارت علة اتساع لها.
| |
|