girle for jesus عضو مميز
عدد الرسائل : 193 العمر : 33 العمل/الترفيه : طالبه بلــدك : السماع الى الترانيم المزاج : تاريخ التسجيل : 28/01/2008
| موضوع: تابع الاصحاح الاول من انجيل معلمنا مارمرقس(3) الثلاثاء يوليو 22, 2008 10:30 am | |
| . دعوة للتلاميذ لم يأتِ السيد المسيح كخادم للبشرية يعمل بلا توقف فحسب، وإنما أقام له تلاميذ يحملون ذات روحه، يعمل بهم ويخدم بواسطتهم. يروي لنا القديس مرقس دعوة أربعة من هؤلاء التلاميذ اختارهم السيد من بين صيادي السمك الأميين للعمل، هم سمعان واندراوس، ويعقوب ويوحنا ابني زبدي. وقد اختارهم أميين كما يقول العلامة أوريجينوس والقديس جيروم لكي لا يُنسب نجاحهم في العمل للفصاحة والفلسفة، وإنما لعمله الإلهي فيهم. اختارهم السيد على دفعتين من عند بحر الجليل، وهو بحيرة عذبة يبلغ طولها 13 ميلاً يحدها الجليل غربًا ويصب فيها نهر الأردن من الشمال، ويسمى بحيرة جنيسارت وبحيرة طبرية نسبة للمناطق التي تحيط به. يرى الأب ثيؤفلاكتيوس أن سمعان وأندراوس كانا تلميذين ليوحنا المعمدان (يو 1: 35-40). إذ سمعا معلمهما يشهد للسيد المسيح تبعاه، لكنهما كانا يعودان للصيد مع أبيهما الشيخ، لهذا ما ورد هنا في إنجيل مرقس لم يكن اللقاء الأول بين السيد وبينهما، لكن دعوة السيد لهما سحبتهما من العمل الزمني للتكريس الكامل للتلمذة والكرازة. في نص منسوب للقديس جيروم يقول: أن هؤلاء التلاميذ الأربعة هم أشبه بالفرس الحاملة للمركبة المنطلقة بإيليا إلى السماء، أو قل هم أربعة حجارة حية أقامها السيد لبناء الكنيسة الحيّة. ولعل هؤلاء الأربعة بأسمائهم يشيرون إلى الفضائل الأربعة اللازمة في الحياة المسيحية أو التلمذة للسيد، فالأول سمعان يعني الاستماع أو الطاعة للرب ولوصيته، فقد لُقب ببطرس أي الصخرة، لأن كل طاعة للرب إنما تقوم على صخرة الإيمان. وأندراوس يعني الرجولة أو الجدية، إذ كثيرون يقبلون الإيمان بالفكر لكن بغير جدية حياة أو عمل. ويعقوب يعني التعقب والجهاد أو المصارعة الروحية حتى النهاية، وأخيرًا يوحنا يعني الله حنان أو منعم، إذ لا قبول لدعوة الله وتمتع بالتلمذة ما لم ينعم الرب بها عليه ويتحنن. ويرى الأب ثيؤفلاكتيوس أن هؤلاء الأربعة بدأوا ببطرس المعروف بانهماكه في العمل وانتهوا بيوحنا المعروف بحياته التأملية، الأول في رأيه يشير للحياة العاملة، والثاني للحياة التأملية. فلا بلوغ للتمتع بالتأمل في الإلهيات ما لم تكن لها الحياة العاملة المجاهدة أولاً! وإن كان بالحقيقة يصعب عزلهما أو فصلهما إذ هما حياة واحدة. وأخيرًا دعاهم من بحر الجليل، كما من بحر هذا العالم، لكي يرفعهم فوق أمواجه، وينتشلوا كل نفس سحبتها دوامته! 7. أعمال محبته الفائقة بسرعة فائقة استعرض القديس مرقس حديثه عن يوحنا المعمدان السابق للرب وعماد السيد وتجربته وكرازته ودعوته لأربعة من تلاميذه لكي يقدم جوهر إنجيله: "المسيح خادم البشرية" يجول يخدم بتواضعٍ وحب لكن بسلطان وقوة. وقد قدم لنا في هذا الأصحاح عينات لأعماله دون الالتزام بالترتيب التاريخي، وإنما اهتم بتقديم فكر إنجيلي يمس لقاءنا مع السيد العامل لأجلنا وفينا. أ. إخراج روح نجس قدم لنا الإنجيلي أول عمل للسيد في يوم سبت داخل مجمع يهودي في كفرناحوم حيث كان يعلم بسلطان وليس كالكتبة [22]، ليخرج روحًا شريرًا بعد أن ينتهره رافضًا شهادته له، لذلك "تحيروا كلهم حتى سأل بعضهم بعضًا قائلين: ما هذا؟ما هو هذا التعليم الجديد؟لأنه بسلطان يأمر حتى الأرواح النجسة فتطيعه" [27]. لماذا بدأ القديس مرقس بعرض هذه المعجزة في حديثه عن أعمال السيد؟ أولاً: لقد أراد القديس مرقس أن يعلن أن المسيح معلم فريد في نوعه، شهد له السامعون أنفسهم الذين بهتوا من تعليمه، وقالوا: "ما هذا التعليم الجديد"؟ لقد كان الكتبة يشرحون الناموس في المجمع كل سبت، لكنهم يقدمون كلمات بشرية من عندهم وحتى نطقوا الكلمات الإلهية يتفوهون بها من قلب جاف ونفس فارغة، أما السيد المسيح فهو كلمة الله عينه الجاذبة للنفس، يتحدث فيخترق النفس إلى أعماقها (عب 4: 12). يقول القديس كيرلس الكبير: [رأوا أمامهم معلمًا لا يخاطبهم كنبي فحسب، بل كإله عظيم تجثو له الروح قبل الجسد، رب الناموس.] ثانيًا: من جهة المكان فقد دعي كفرناحوم أي كفر النياح أو الراحة، ومن جهة الزمن فكان يوم السبت أو الراحة، ومن جهة العمل أخرج الرب الروح الشرير محطم الإنسان روحًا وجسدًا. وكأنه حيثما حلّ السيد يجعل منا موضعًا للراحة الحقيقية، ويحّول زماننا إلى سبت لا ينقطع، طاردًا عنا كل روح خبيث محطم لحياتنا. غاية السيد المسيح هو راحتنا الحقيقية فيه! وكما يقول القديس يوحنا سابا: [أيها المتعب والثقيل الأحمال ضع رأسك على ركبتي ربك واسترح. اتكئ على صدره، واستنشق رائحة الحياة بجبلتك. اتكئ عليه إذ هو مائدتك، ومنه تتغذى. نق مرآتك، وبدون شك سيظهر لك نور الثالوث. اجعل هذا في قلبك، فتشعر أن الله حيّ فيك، لأنك أنت صورة الله يا إنسان.] ثالثًا: تعرف الشيطان أو الروح النجس على السيد المسيح بكونه قدوس الله الذي تجسد بتواضع... وقد أدرك أن تواضع السيد يغلب كبريائه، وقد حسب أن الوقت قد حان لإدانته لذلك "صرخ قائلاً: آه! ما لنا ولك يا يسوع الناصري، أتيت لتهلكنا. أنا أعرفك، من أنت؟ قدوس الله" [24]. لقد رفض الرب شهادته منتهرًا إياه، قائلاً: "اخرس واخرج منه" [25]. وفيما يلي تعليقات بعض الآباء على هذا الموقف: v حتى الشياطين تنطق باسم الله، ومع ذلك فهم شياطين... كان ينتهرهم ويخرجهم. لهذا أسألكم أن تتنقوا من هذا الخطأ (النطق باسم الله باطلاً). القديس يوحنا الذهبي الفم v ما قاله بطرس (مت 8: 29) نطقت به أيضًا الشياطين، الكلمات واحدة ولكن الذهن مختلف... فان إيمان المسيحي يقوم على الحب، أما إيمان الشيطان فبلا حب... بطرس نطق بهذا لكي يحتضن المسيح، أما الشياطين فنطقت بهذا لكي يتركها المسيح. v "الشياطين يؤمنون ويقشعرون" (يع 2: 19). الإيمان له قدرته، لكنه بدون المحبة لا ينفع شيئًا، فقد اعترفت الشياطين بالمسيح، وكان اعترافهم نابعًا عن إيمان بلا حب... لا تفتخر بالإيمان إن كان على مستوى الشياطين. v يا لعظم قوة تواضع الله التي ظهرت في أخذه شكل العبد، فقد غلبت كبرياء الشياطين، وقد عرفت الشياطين ذلك حسنًا، معبرين عن ذلك للرب الملتحف بضعف الجسد. لقد قالوا: "ما لنا ولك (ماذا نفعل بك) يا يسوع الناصري"؟... يظهر في هذه الكلمات أنهم أصحاب معرفة لكن بلا محبة، والسبب في هذا أنهم كانوا يرتعبون من عقوبتهم بواسطته ولا يحبون برّه. القديس أغسطينوس v حسب الشيطان خروجه من الإنسان هلاكًا له، فان الشياطين لا ترحم، تحسب نفسها أنها تعاني شرًا إذا لم تتعب البشر! الأب ثيؤفلاكتيوس v عرفته الشياطين بالقدر الذي سمح الله لهم أن يعرفوه، لكنهم لم يعرفوه كما يعرفه الملائكة القديسون الذين ينعمون بشركة أبدية بكونه كلمة الله... القديس أغسطينوس v الحق لا يحتاج إلى شهادة أرواح نجسة... ليتنا لا نصدق الشياطين حتى إن أعلنوا الحق. المدعو ذهبي الفم v لم يدع المسيح الشياطين أن يعترفوا به لأنه لا يليق أن يغتصبوا حق الوظيفة الرسولية. كذلك لا يجوز أن يتكلموا بألسنة نجسة عن سرّ المسيح الفدائي، نعم يجب ألا تصدق هذه الأرواح الشريرة حتى ولو تكلمت صادقًا، لأن النور لا يُكشف بمساعدة الظلام الدامس، كما أشار إلى ذلك رسول المسيح بالقول: "وأية شركة للنور مع الظلمة، وأي اتفاق للمسيح عن بليعال؟" (2 كو 6: 14-15). القديس كيرلس الكبير ب. إبراء حماة سمعان "ولما خرجوا من المجمع جاءوا للوقت إلى بيت سمعان وأندراوس مع يعقوب ويوحنا. وكانت حماة سمعان مضطجعة محمومة، فللوقت أخبروه عنها. فتقدم وأقامها ماسكًا بيدها، فتركتها الحمى حالاً وصارت تخدمهم" [29-31]. سبق لنا الحديث عن إبراء حماة سمعان في دراستنا لإنجيل متى (8: 14-15)، وقد رأينا كلمات القديس أمبروسيوس أن حماة سمعان تمثل جسدنا الذي أصابته حمى الخطايا المختلفة فصار أسير الألم، مطروحًا بلا عمل، يحتاج إلى طبيب قادر أن يحله من رباطات المرض. ويلاحظ في هذا العمل الذي صنعه الرب الآتي: أولاً: يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن السيد المسيح كان منطلقًا من المجمع في كفرناحوم إلى بيت سمعان بطرس ليأكل، مدللاً على ذلك بقوله الإنجيلي: "فتركتها الحمى حالاً وصارت تخدمهم" [31]، فقد انفتح هذا البيت لخدمة السيد، فجاء السيد يخدمه. فكلما خدمنا ربنا يسوع المسيح إنما في الحقيقة ننال خدمته وننعم بعمله الفائق فينا. يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن سمعان لم يستدعِ السيد ليشفي مريضته بل انتظره حتى يتمم عمله التعليمي في هذا المجمع ويحقق أشفية لكثيرين وعندئذ لما جاء السيد إلى بيته سأله من أجلها. هكذا منذ البداية تدرب أن يفضل ما هو للآخرين عما هو لنفسه. ثانيًا: يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [لم يستنكف (يسوع المسيح) من الدخول إلى أكواخ صيادي السمك البسطاء، معلمًا إياك بكل وسيلة أن تطأ الكبرياء البشري تحت قدميك.] كما يعلل تركه المجمع وانطلاقه إلى كوخ بسيط ليشفي مريضة بقوله: [بهذا كان يدربنا على التواضع، وفي نفس الوقت كان يلطف من حسد اليهود له، ويعلمنا ألا نفعل شيئًا بقصد الظهور.] هذا أيضًا ما أكده القديس أغسطينوس بقوله: [لقد أرادهم أن يفهموا أعماله أنها ليست بقصد الإعجاب وإنما قدمها عن حب لأجل الشفاء.] في إخراجه للشيطان أو الروح النجس نطق السيد بسلطان ليكتم أنفاسه ويخرجه، لئلا يظن أحد في هذا حبًا للظهور عندما التقى بمريضة أمسك بيدها فتركتها الحمى حالاً. إنه صاحب سلطان حقيقي، يعمل بكلمته كما بلمسة يديه المترفقتين بنا! وللقديس كيرلس الكبير تعليق جميل على استخدام لمسة يده في الشفاء، إذ يقول: [أرجو أيضًا أن تلاحظوا قوة جسده المقدس إذا ما مسّ أحدًا، فان هذه القوة تقضي على مختلف الأسقام والأمراض، وتهزم الشيطان وأعوانه، وتشفى جماهير الناس في لحظة من الزمن. ومع أن المسيح كان في قدرته أن يجري معجزات بكلمة منه، بمجرد إشارة تصدر عنه، إلا أنه وضع يديه على المرضى ليعلمنا أن الجسد المقدس الذي اتخذه هيكلاً له كان به قوة الكلمة الإلهي. فليربطنا الله الكلمة به، ولنرتبط نحن معه بشركة جسد المسيح السرية، فيمكن للنفس أن تُشفي من أمراضها وتقوى على هجمات الشياطين وعدائها.] ثالثًا: يقدم لنا الإنجيلي السيد المسيح كخادم الكل يعمل بلا توقف، يخدم وسط الجماهير في مجمع كفرناحوم بقوة حتى "خرج خَبره للوقت في كل الكورة المحيطة بالجليل" [28]، وفي نفس الوقت ينسحب إلى كوخ صغير ليشفي سيدة محمومة، وإذ يلتف الكثيرون حول الباب يخرج إليهم ليشفي كثيرين ويخرج شياطين كثيرة. إنه يعمل أينما وجد ليجتذب الكل بحبه العملي إلى أحضانه الإلهية. رابعًا: لعل مجمع كفرناحوم يشير إلى جماعة اليهود الذين بينهم من به روح نجس خلال عدم الإيمان، فجاء السيد إليهم ينتهر هذا الروح الشرير ليكسبهم إليه كأعضاء جسده. أما انطلاقه إلى بيت سمعان ليلتقي بحماته المحمومة فيشير إلى عمله بين الأمم لينزع عنهم حمى الوثنية والرجاسات الشريرة، ويحول طاقاتهم لخدمته. هكذا جاء السيد إلى العالم كله ليخلص الجميع. لقد جاء ليشفي حماة بطرس المحمومة بعد أن انتهر الروح النجس وأخرجه، منقذًا الشعوب بربطه للعدو إبليس وتحطيم سلطانه وطرده من القلوب! خامسًا: استخدم القديس مرقس في تعبيره "أقامها" [31] الفعل اليوناني egeiro الذي غالبًا ما يُستخدم في قيامة السيد المسيح نفسه (مر 14: 28؛ 16: 6؛ 1 كو 15: 4؛ أع 3: 15؛ 13: 37) ، وكأنها لم تكن في حاجة إلى من يشفيها من مرض جسدي، بل من يقيمها من الموت. احتاجت إلى واهب القيامة نفسه يقيمها معه! سادسًا: يقول الإنجيلي: "وأقامها ماسكًا بيدها، فتركتها الحمى حالاً وصارت تخدمهم" [31]. تلامُسنا مع رب المجد يسوع ينزع حمى المرض أو لهيب الشر الحار، لا لنحيا في برود الروح، بل في لهيب جديد هو لهيب الروح العامل والخادم للكل، إن لم يكن بكرازة الوعظ فبالقدوة والصمت. تتحول حياتنا إلى لهيب مشتعل بالروح القدس يلهب الآخرين ويلتهب معهم بالروح، وكما يقول الشيخ الروحاني: [كما أن النار لا تنقص ولا تضعف قوتها إذا أخذت منها مشاعل كثيرة، هكذا الذي يسكن فيه الروح القدس إذا أعطى نعمة لآخرين لا ينقص.] سابعًا: شفاء حماة بطرس جذب المدينة كلها ليتمتع الكثيرون بالشفاء أيضًا، إذ يقول الإنجيلي: "ولما صار المساء إذ غربت الشمس، قدموا إليه جميع السقماء والمجانين. وكانت المدينة كلها مجتمعة على الباب. فشفى كثيرين كانوا مرضى بأمراض مختلفة، وأخرج شياطين كثيرة، ولم يدع الشياطين يتكلمون أنهم عرفوه" [32-34]. لقد جاءوا إليه بجميع السقماء والمجانين بعد الغروب، إذ كان يوم سبت ولم يكن بعد يقدر اليهود أن يدركوا السبت بالمفهوم الروحي كيوم راحة يمكن أن تتمم فيه أشفيه للنفوس المتعبة، فانتظروا في حرفية جامدة حتى ينتهي السبت بالغروب. أما قوله "شفى كثيرين" ولم يقل "شفى الجميع"، فربما لأن عدم إيمان القلة منهم حرمهم من عمله الإلهي. وإذ رأت الشياطين ما فعله السيد أدركت من هو فكان ينتهرها ويرفض شهادتها له، طاردًا الكثيرين منهم! يمكننا أن نقول، إذ تجسد كلمة الله وسط اليهود، وحلّ بينهم، حوّل الزمن إلى نهار، وشفى نفوسًا منهم (حماة بطرس) كالتلاميذ والرسل والمريمات... وإذ صعد بالجسد كأن المساء قد حلّ والشمس غربت فجاءت جموع الشعوب والأمم من كل العالم، تجمعت على الباب تطلب المسيّا فيها، فشفى الرب الكثيرين وطرد شياطين كثيرة، إذ تحولت حياة الكثيرين من الوثنية إلى الإيمان المسيحي. بمعنى آخر بصعوده، أي بغروب الشمس انفتح الباب للأمم ليتمتعوا بالإيمان مع التوبة الصادقة لينالوا ملكوت الله داخلهم عوض مملكة إبليس المهلكة!
| |
|